صفاء القلوب

لحمد لله عز فحكم ..اطلع فستر.
الحمد لله منع وأعطى.. أضحك وأبكى .. أمات وأحيا ... أغنى وأقنى
الحمد لله أحيا القلوب بالإيمان وأنار الدروب بالقرآن وأمرنا بصفاء قلوبنا من الأدران

ثم الصلاة والسلام على من نصح وأسدى وقال وأهدى نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم . أما بعد:


وماذا ياتراه يقول فؤاد أنت معناه .. وعمر أنت دنياه .. بليغا كنت أحسبه
ولكن ألجمت فاه.. حروف القول قد سكتت وتاهت مثل ماتاهو لما أحرفي سمعت نداء
قلت: حياك الله أختاه.....

فالصفاء نقاء وضياء...... والقلوب أوعية لهذا الصفاء.
فالبصفاء تسعد الحياة وتسكن النفوس وتطمئن القلوب
بالصفاء يزداد اليقين ويتسع الصدر وتسهل الأمور
بالصفاء يزداد الصبر وتزدان البراءة وتسمو النفوس
ولايكون هذا الصفاء إلا إذا صفي القلب من مكدراته وأدرانه.............

وذلك
عندما لاتحمل القلوب داخلها إلا الخير والحب للجميع عندما تبتعد عما
يدنسه من الأمراض التي تفتك بها وتجعلها مريضة سقيمة تعيش حياتها في هم
وغم تتآكل في داخلها حتى لاتقوى على العيش
إن
لصفاء القلوب حلاوة لايشعر بها إلا من طهر قلبه مما يعكر صفوه وراحته من
البغض والحقد والحسد والكراهية والغيبة والنميمة والآثام والمعاصي التي
تلبس القلب سوادا وهما وغما وتحطم المرء وتقلق راحته.

فها
أنا منبري هذا أدعوك ياغالية بكل حب ونقاء وأخوة وصفاء بأن نغسل قلوبنا من
كل داء ونجعلها نظيفة أنيقة رقيقة نقية كنقاء الزجاج بل أنقى.


فتأملي معي هذة الأكواب البريقة النقية لو ملئت بكل حب وصفاء وتعاون
وتسامح وإخاء وحسن ظن ويقين وإخلاص وعفو وصالحات شتى وتترا فما أجملها لو
كانت قلوبنا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ولكن
إن مزجت هذه القلوب بصالحات وطاعات وعفو وصفح ولكنها خلطت بحقد وحسد وغيبة
وسوء ظن وأذى فهل لمنظرها صفاء ونقاء كما قبلها!!!!!!!!!!!!!!!!!

وياويح القلب إن لم يعرف إلا الحسد والحقد والغيبة وسوء الظن والأذى فامتلئ سوادا وهما وغما!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
قال
ابن القيم رحمه الله: من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته القلوب
آنية الله في أرضه فأحبه إليه أرقها وأصلبها وأصفاها . وماضرب عبد بعقوبة
أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله فخلقت النار لإذابة القلوب القاسية
وأبعد القلوب من الله القلب القاسي فإذا قسا القلب قحطت العين.

وإن
أعظم مايؤثرعلى نقاء القلب وصفاءه الانشغال بتفسير التصرفات الشخصية للناس
.. وإسقاطها على أسس الريبة وسوء النية .. وتعديد الاستنتاجات لتأكيد هذا
الإسقاط .. له من المفاسد القلبية والاجتماعية والنفسية مالا يعد فى حصره
..

فهو
أمر معلوم للجميع يغضب الله .. ويفقد به الإنسان الصفاء .. وينشغل تفكيره
بتقصير الآخرين ومحاولة إثبات هذا التقصير او هذا الخلل .. مع إننا غير
مكلفين بذلك وضياع وقتنا بالقيل والقال والاجتماع له لأمر محزن ان يقع
فيه الإنسان .. وخاصة ان يأتي الأمر بدون حقيقة واقعية .. ويلزم نفسه
وغيره بأمر ليس هو بلازم لوجهة نظره .

مع ان الأولى أن تحمل ما تراه من فعل او عمل فيه من السعة ما فيه على المحمل مادام ذلك ممكناً ..
ولو سألنا أنفسنا وماذا بَعدُ .. ماذا استفدت .. هل تُحب ان يعاملك الناس كذلك؟

لماذا نسعى لقطع حبال المودة بين الناس .. لماذا نؤجج المشاعر على الغير ..لماذا لماذا..

لِسَانَكَ لا تَذْكُرْ بِهِ عَورَةَ امرئ ** فَكلُّكَ عَـوْرَاتٌ وَلِلنَّـاسِ أَلْسُــنُ
وَعَـينكَ إنْ أَبْـدَتْ إَلَيكَ مَعَـايِباً ** فَصُنْهَا وَقُلْ يَاعَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْينُ
يقول احد تلاميذ الإمام الشافعي عنه أنّ الربيع بن سليمان قال :
"
دخلت على الشافعي و هو مريض فقلت له : قوى الله ضعفك .. فقال : لو قوى
ضعفي قتلني .. فقلت : والله ما أردت إلا الخير .. قال : أعلم أنك لو شتمتني
لم ترد إلا الخير "

فانظري إلى رد الشافعي رحمه الله (قال لوشتمتني لم ترد إلا الخير) فالله المستعان على حالنا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

لنفسي أبكي لست أبكي لغيرها لنفسي من نفسي عن الناس شاغل
فيا
غالية بكل الحب والنقاء وكلنا أمل بأنك لن تغادري هذا المكان إلا وقد عزمت
على عفو لكل من أساء إليك وحسن ظن في كل واردة وشاردة. وغسل قلب من حقد
وحسد وغيبة ونميمة. فلماذا نحمل في قلوبنا سوءا على أحبتنا لماذا يحسد
بعضنا بعضا ويؤذي بعضنا بعضا أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأصحابه قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا في المسجد عند رسول الله فقال
النبي عليه الصلاة والسلام: ((يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة))،
قال: فدخل رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد علق نعليه بيده، فسلم
على النبي وجلس، قال: ولما كان اليوم الثاني قال: ((يدخل من هذا الباب
عليكم رجل من أهل الجنة))، قال: فدخل ذلك الرجل الذي دخل بالأمس، تنطف
لحيته من وضوئه، مُعلقاً نعليه في يده فجلس، ثم في اليوم الثالث، قال عبد
الله بن عمرو بن العاص: فقلت في نفسي: والله لأختبرن عمل ذلك الإنسان، فعسى
أن أوفّق لعمل مثل عمله، فأنال هذا الفضل العظيم أن النبي أخبرنا أنه من
أهل الجنة في أيامٍ ثلاثة، فأتى إليه عبد الله بن عمرو فقال: يا عم، إني
لاحيت أبي – أي خاصمت أبي – فأردت أن أبيت ثلاث ليال عندك، آليت على نفسي
أن لا أبيت عنده، فإن أذنت لي أن أبيت عندك تلك الليالي فافعل، قال: لا
بأس، قال عبد الله: فبت عنده ثلاث ليال، والله ما رأيت كثير صلاةٍ ولا
قراءة، ولكنه إذا انقلب على فراشه من جنب إلى جنب ذكر الله، فإذا أذن الصبح
قام فصلى، فلما مضت الأيام الثلاثة قلت: يا عم، والله ما بيني وبين أبي
من خصومة، ولكن رسول الله ذكرك في أيامٍ ثلاثة أنك من أهل الجنة، فما رأيت
مزيد عمل!! قال: هو يا ابن أخي ما رأيت، قال: فلما انصرفت دعاني فقال:
غير أني أبيت ليس في قلبي غش على مسلم ولا أحسد أحداً من المسلمين على خير
ساقه الله إليه، قال له عبد الله بن عمرو: تلك التي بلغت بك ما بلغت،
وتلك التي نعجز عنها.


فهيا
بنا ياغالية نغسل قلوبنا وملؤها حبا ونقاء وكلي يقين بأن لاتضعي رأسك على
وسادتك إلا وقد عفوت عمن أساء وملئت قلبك حبا ونقاء وعطاء.
أسأل الله أن يرزقنا قلوبا تقية نقية مليئة بالإيمان عامرة بنور القرآن سعيدة بطاعة الرحمن.