الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
موضوع هذا الكتيب هو غض البصر فغض البصر اصطلاحا أن يغمض المسلم نظره عما حرم عليه ولا ينظر إلى لما
أبيح له النظر إليه فإذا وقع بصره على محرم من غير قصد فليصرف بصره سريعا.
قال تعالى
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ أنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)
فأنت يا أخي مكلف بغض النظر عن النساء الأجنبيات.
ليس في الشارع فقط ولا العمل ولكن حتى في التلفاز فإذا وقع بصرك فجأة على شئ من محارم الله فلابد أن تصرفه
بسرعة.
ليس هذا فحسب بل حتى النظر إلى المحارم ينبغي أن تكون نظرة كلية يعني لا تدقق وتتبع التفاصيل، نظرة عامة بدون أن
تملأ عينك من محاسنهن حتى لو كأنت أختك، وهذا طبعا ما تنأف منه كل فطرة سويه.
وكذلك أنت أختي.
فالبصر نعمة حرم منها الكثير، فكيف تستخدم هذه النعمة في عصيأن الله وهو صاحبها؟ أن كنت تخجل من أن يعرف
الناس ما يدور في راسك وأنت تنظر لفلانة وفلانة، فالأولى أن تخجل من الله وتخشى منه، ألا تعلم أنه يستطيع أن يسلبك
هذه النعمة ويجعلك أعمى ، أو أن يعاقبك ويبتليك في أهلك أو نفسك، إذا كان الله قد صبر عليك للأن أفلا تخجل؟، هل غرك
حلم الله؟ أم غرتك الدنيا ومافيها؟ ... ألا تخاف يوم القيامة حين يسألك الله ماذا ستقول؟ أعطيتني يارب نعمة البصر
وعصيتك وعلمت أنك مطلع علي فلم أبالي ولم ارتدع، وصبرت علي يا رب فزادني ذلك عصيأنا، حسنا لن تقول هذا إذا
ماذا ستقول؟ هل تعرف ماذا ستقول ستقول كلمة كان يجب أن تقولها في الدنيا لكنك لم تفعل ستقول (استغفر الله) ولكن ذلك
ليس وقت العمل ولا وقت الاستغفار ذلك وقت الحســـــاب فتحمل بجرأتك في الدنيا على معاصي الله ما ستلاقيه
هناك.
اسمع الله وهو يقول :
وَلَقَدْ ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ ?لْجِنّ وَ?لأنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءاذَأنٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَـئِكَ كَ?لأنْعَـ?مِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ ?لْغَـ?فِلُونَ [الأعراف:179].
أعاذنا الله من جهنم، إذا كنت لا تريد أن تكون منهم فاقرأ هذه الآية بقلبك وقل سمعا وطاعة يا رب.
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ أنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا
لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَأنِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَأنِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَأنُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ
لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنّ[النور / 30 ـ 31]
لكن لماذا أمرنا الله بغض البصر؟، هذا سؤال يدور في رأسنا كثيرا قد يقول أحدنا " أنا لا أعمل الحرام ولا الفواحش أنا فقط
أنظر "، هذا غير صحيح النظرة هي الخطوة الأولى للسقوط.
يقول الدكتور محمد النابلسي في محاضرة عن غض البصر:
"فالمسلم أساسا لا يرتكب الكبائر، لا يسرق، لا يقتل، لا يزني ولكن بلاء المسلمين ليس في الكبائر بل بما يتوهمونه
صغائر، والصغائر إذا أصر الأنسأن عليها أنقلبت كبائر ( إن الشيطأن قد يئس أن يعبد في أرضكم ولكن رضي أن يطاع
فيما سوى ذلك مما تخافون من أعمالكم)
وهناك فكرة أتمنى أن تكون واضحة لدى إخوأني وأخواتي، إذا كان في الشهوة إصرار أو كانت أغلى عليك من الله،
فالطريق إلى الله ليس سالكا، لا بد أن تتخلى عن كل حظوظك النفسية وأن تنصاع لأمر الله، فأي إنسأن يصر على معصية
ولو بدت صغيرة، وقد رأى أن حظه من هذه المعصية أغلى من حظه من الله فالله أغنى الأغنياء... "
إذا كنت يوميا ترى طعاما غير متوفر عندك وكنت جائعا فماذا ستفعل؟ لا أحد يشبع بالنظر، لو كان الجياع يشبعون بمجرد
النظر إلى الطعام لما رأيت جائعا يسرق طعاما أو يأكل من القمامة، أما إذا كنت لست جائعا فلما تنظر إلى طعام غيرك
وتطيل النظر إليه- يسموها " طفاسة "
إذا كأن هذا مبدأ نتفق عليه في الطعام، فلم نختلف عليه في محارم الله وأعراض العباد؟
إطلاق البصر يقــود إلى أمور خطيرة أولها مشاهدة المواقع الإباحية أو الأفلام الإباحية.... إلى الزنا أو حتى الاعتداءات
الجنسية والتحرشات مرورا بآفات أخلاقية عديدة وسلوكيات شاذة.
لا تبحث لنفسك عن أعذار اسمع الله وهو يقول :
(بَلِ ?لأنسَـ?نُ عَلَى? نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى? مَعَاذِيرَهُ)
أن الشيطان هو الذي يصوغ لك الأعذار التي تتجدها لنفسك، طبعا يقول لك المهم القلب النظيف والنية الصافية!!!!، القلب
النظيف هو القلب العفيف الذي يأبى أن يتلذذ بالنظر لما لا يحل له، أخي لو كانت هذه المرأة زوجتك هل تقبل أن يتفحصها
أحد بهذه الطريقة وأنتي أختي لو كأن هذا الرجل زوجك ألست تغارين عليه من ملاحقة النساء له بنظراتهن؟؟
لا تقل لا استطيع أن أغض بصري، الست تصدق الله؟؟
أليس يقول سبحانه " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
لو كان الله سبحانه يعلم أن البشر ليس في مقدورهم غض بصرهم لما أمرهم بذلك، صح؟
لأن الله لا يأمرنا بشئ إلا لمصلحتنا.
أنظر إلى فوائد غض البصر:
1: تخليص القلب من ألم الحسرة.
2 : أنه يورث نوراً وإشراقاً في القلب يظهر في العين والوجه والجوارح وإطلاق البصر يورث ظلمة في الوجه والجوارح .
3 : أنه يورث صحة الفراسة.
4 : أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه ويسهل عليه أسبابه وذلك بسبب نور القلب.
5 : أنه يورث القلب ثباتاً وشجاعة فيجعل له سلطان الحجة.
6 : أنه يورث القلب سروراً وفرحاً وانشراحاً أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر.
7 : أنه يخلص القلب من أسر الشهوة.
8 : أنه يسد عنه باباً من أبواب جهنم.
9 : أنه يقوي عقله و يزيده و يثبته.
10 : يخلص القلب من سُكر الشهوة و رقدة الغفلة.
11 : أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده .
12 : أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه.
13 : أنه يورث القلب أنساً بالله وجمعه عليه.
14 : أنه يقوي القلب ويفرحه.
15 : أنه يسد على الشيطان مدخله إلى القلب.
16 : أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها.
17 : أن بين العين والقلب منفذاً وطريقاً يوجب انتقال أحدهما إلى الآخر وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده.
انظر إلى حرص الرسول على الأمة:
1- أنه نهى النساء إذا صلين مع الرجال أن يرفعن رؤوسهن قبل الرجال؟ لئلا يكون ذريعة منهن إلى رؤية عورات الرجال
من وراء الأزر.
2- أنه نهى المرأة إذا خرجت إلى المسجد أن تتطيب أو أن تصيب بخورا، وذلك لأنه ذريعة إلى ميل الرجال وتشوقهم إليها،
فأن رائحتها وزينتها وصورتها وإبداء محاسنها تدعو إليها، فأمرها أن تخرج تفلة ولا تتطيب.
3- أنه لم يجعل لها وسط الطريق عند المشي حتى لا يراها كل أحد، بل جعل لها حافات الطريق وجوأنبه.
4- أنه نهى أن تنعت المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها، سدا للذريعة، وحماية عن مفسدة وقوعها في قلبه وميله
إليها بحضور صورتها في نفسه.
5- أنه نهى عن الجلوس في الطرقات، وما ذاك إلا لأنه ذريعة إلى النظر المحرم، فلما أخبروه أنه لابد لهم من ذلك قال: {
أعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام} [متفق عليه].
6- أن الله سبحأنه نهى النساء عن الضرب بأرجلهن عند السير سدا لذريعة النظر، حتى لا ينظر الرجال إلى ما يخفين من
الزينة والجمال، قال سبحانه: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن [النور:31].
هذه عفة المسلمين والمسلمات.
هكذا يجب أن نكون.. اللهم ما أحلمك علينا وما أجرانا عليك.
لنتمعن سويا في أحاديث في غض البصر:
1- قال النبي: { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء} [متفق عليه].
2- وقال : {... فاتقوا. الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كأنت في النساء} [رواه مسلم].
3- وعن جرير بن عبدالله قال: { سألت رسول الله صلى عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري} [رواه
مسلم]. وعند أبي داود أنه قال له. {اصرف بصرك}.
4- وقال عليه الصلاة والسلام. { يا علي، لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة} [رواه الترمذي وأبو
داود وحسنه الألبأني].
5- وقال: { العينأن تزنيان، وزناهما النظر} [متفق عليه].
6--في الصحيحين من حديث أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ: ((أنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا
الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَأنِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ)).
7-في صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله البجلي قال سَأَلْت رَسُول اللَّه عَنْ نَظْرَة الْفَجْأَة, فَأَمَرَنِي أنْ أَصْرِف بَصَرِي.
قال النووي في شرح مسلم وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أنْ يَقَع بَصَره عَلَى الأجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ , وَيَجِب
عَلَيْهِ أنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال, فَأنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلا إِثْم عَلَيْهِ, وَأنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث, فَأنَّهُ أَمَرَهُ بِأنْ
يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـ?رِهِمْ
حكم النظر للنساء:
قال الحافظ أبو بكر بن حبيب العامري: أن الذي أجمعت عليه الأمة، واتفق على تحريمه علماء السلف والخلف من الفقهاء
والأئمة هو نظر الأجأنب من الرجال والنساء بعضهم إلى بعض - وهم من ليس بينهم رحم من النسب، ولا محرم من سبب
كالرضاع وغيره - فهؤلاء حرام نظر بعضهم إلى بعض... فالنظر والخلوة محرم على هؤلاء عند كافة المسلمين.
وأخيراََ:
يقول سعيد ابن المسيب: إذا يئس الشيطان من إنسان أتاه من النساء.
فسد يا أخي ويا أختي منفذ الشيطان.
أخي لو استحضرت نظر الله إليك وعلمت أنه أسرع نظراً إليك من نظرك إلى محارمه لكان لك في ذلك واعظاً كيف وقد
خاطبك فقال((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ أنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) فراجع
حياءك من مولاك وتذكر أنه دائماً يراك فلا يجدك حيث نهاك –مر سفيان الثوري رحمه الله برجال يتحدثون فقال لهم لو
أخبرتكم أن بينكم من يرفع حديثكم إلى السلطان أكنتم تستمرون فيه قالوا :لا!! وكلنا نقول مثلهم لا لا ،قال فأن بينكم من يرفع
حديثكم إلى ملك الملوك (يقصد الملائكة).
تمعن في هذا البيت التالي:
يا راميا بسهام اللحــظ مجتهدًا أنت القتيل بما ترمي فــلا تصب
اللهم اغفر لنا قلة حيا ئنا وقلة ادبنا معك ، وسا محنا أن خشينا يوما غيرك أو تحرجنا من سواك وغفلنا عنك وأنت الرقيب
الحسيب
وصدق الله
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ?لصُّدُورُ)
والله أعلم....
كتبه: د.ناصر بن يحيى الحنيني