السلام عليكم
أرجع دائماً بذاكرتي إلى فترة طفولتي ... أحاول تذكّر الفترة التي بدأ فيها شغفي بالقراءة
... لكنّني أفشل
لا أعرف نفسي ولا أذكرها قبل حبّها للقراءة
وقد كانت القراءة نافذتي الوحيدة على العالم وعلى الأدب
ففي طفولتي لم نكن نعرف لا كمبيوتر ولا انترنت ولا حتّى تلفاز
دخل التلفاز إلى بيت أهلي عندما كنتُ أنا في الثانية عشرة من عمري
كان بيتنا صغيراً ورغم ذلك خصص والدي إحدى قطع الأثاث كمكتبة
وكان فيها العديد من الكتب والمجلّات
نشأت على مشاهدة أبي يدخل البيت ومعه الجريدة ومع بداية كل شهر يشتري مجلّات
العربي والفيصل والنهضة والضّاد - بل وحتّى المجلّات الفنّية
وكنت أتنقّل بين تلك المجلّات كما تتنقّل النحلة من زهرة لزهرة
أقرأ خبراً هنا وأقرأ قصّة هناك وأحفظ أبياتاً من الشعر من هذا الديوان الشعري
وأستمتع بقراءة رواية عالمية مترجمة
حتّى تكوّن لديّ مخزون ثقافي وأدبي أعتزّ وأفخر به
كانت قراءاتي منوّعة - ربّما لهذا السبب لم ولن أملّ من القراءة أبداً
تجربتي في بيت أهلي انعكست على تجربتي مع أولادي
رغم تنوّع مصادر المعلومات في أيّامنا هذه ما زلت أرى في صحبة المادة المطبوعة
متعة عظيمة
بدأتُ أنا وزوجي توجيه أولادنا نحو القراءة بالتدريج - بالقصص القصيرة التي تحوي من الصور أكثر ممّا تحوي من الكلمات
ثمَّ تطوّر الأمر قليلاً فصرنا نحضر لهم قصصاً تربويّة تناسب أعمارهم ونقرأها لهم
فقد كانوا صغاراً على القراءة
وتطوّر الأمر أكثر مع دخولهم المدرسة فصاروا هم يحاولون القراءة وينجحون بعد محاولات
وكنّا فخورين دائماً بإنجازاتهم الصغيرة
بدأنا اشتراكاً لهم في مجلّات شهرية وأخرى اسبوعيّة
وبعض هذه المجلّات تطرح مسابقات يشارك فيها الأطفال
وقد فاز أولادنا ببعض هذه المسابقات وتلقّوا الجوائز بالبريد على فوزهم
كما نُشِرت لهم مساهمات عديدة
أخبرتُ زميلة لي عن أهتمام أولادي بالقراءة ومتابعتهم للعديد من المجلّات
فقالت أنّه شيء أُحسد عليه فقد تمنّت هذا من أولادها ولكن لا فائدة
أعتقد أنّ هذه الأمور تشبه إلى حد كبير عملية الزراعة فإذا تأخرّت في وضع البذار في التربة
ولم تتعهّدها بالعناية والرعاية فإنّك بالتأكيد لن تجني محصولاً جيّداً
أذكر دائماً بالخير والدي ووالدتي فمنهما تعلّمت أهمية العلم والثقافة ومنهما أخذت محبّة للقراءة
قراءة كل ما يخطر في بالكم في مختلف المجالات
وأشكر الله على هذا الزوج الواعي فاهتمامه بأولاده عظيم ولست أبالغ
فهو مثلي يحرص على شراء الكتب المناسبة لكل ولد بحسب عمره
ونحن دائماً إلى جانبهم نرشدهم ونوجّههم ونفخر بإنجازاتهم مهما كانت صغيرة
رسالتي إلى كل أب وأم أن تُحسنوا الغرس والعناية بالغراس إذا أردتم ثماراً جيّدة فيما بعد
أحببتُ أن أطلعكم على تجربتي الصغيرة الجميلة في تنشئة أولاد يحبّون
العلم ويبحثون عن الثقافة
****************
بقلمي و من وحي تجربتي
أختكم أم العيال