| سكرات الموت2011 | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
{Ms 13} إشراف عام الإبداع
مساهماتى : 66 نقــاطـ التميز : : 5078 انا مسجل من : 27/03/2011
خدمات المنتدى مشاركة الموضوع:
| موضوع: سكرات الموت2011 الأحد مارس 27, 2011 7:46 am | |
| سكرات الموت
إن الله تعالى جعل الموت محتوماً على جميع الخلق من الإنس والجان وجميع الحيوان، فلا مفر لأحدٍ منه ولا أمان، الكل فيه سواء، الرئيس والمرءوس، الحر والعبد، الذكر والأنثى.
وفي هذه المادة الحديث عن الموت من الكتاب والسنة، وصفته، وحال الناس عند سكراته، مؤمنهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم
ذكر الموت في الكتاب والسنة
الحمد لله الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً، واتخذوا من دون الله آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً.
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، صاحب الغرة والتحجيل، المؤيد بجبريل، المذكور في التوراة والإنجيل، المعلم الجليل، صلى الله وسلم عليه كلما تضوع مسك وفاح، وكلما ترنم طير وصاح، وكلما شدا حمام وناح.
لا إله إلا الله الذي كسر بالموت ظهور الأكاسرة، وقصر بالموت آمال القياصرة الذين طغوا وبغوا وفجروا حتى أرداهم ظلمهم في الحافرة، أخرجهم من القصور والدور وأقعدهم في القبور، فهل تسمع لهم كلاماً؟ سكتوا فتركوا فما نطقوا:
دع ذكر ليلى والرباب وابك لأيام الشباب
وانتظر الموت فما أقربه من كل باب
زر القبور مرةً إن بها خير الصحاب
كم ملك في لحده تيجانه ذاك التراب
لم يصطحب من ملكه وماله حتى الثياب
قصوره من بعده صارت خراباً في خراب
قد وجدوا ما وعدوا من العقاب والثواب
فهل أخذت عدة من التقى قبل الذهاب
وهل لبست لأمةً من كل فضل وصواب
آهٍ لدنياً زخرفت دنيا الأفاعي والكلاب
قد اشتراها مفلس بدينه فما أصاب
إن كان لي من شكر فأشكر الباري تبارك وتعالى الذي جمعني بهذه الوجوه الساجدة العابدة المتألقة بنور الإيمان، التي غرست في قلوبها لا إله إلا الله، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:24-25] .
في أجساد عمرت على التقوى إن شاء الله قال تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة:109] .
ثم أشكر لكم فضلكم وحضوركم وبارك الله فيكم، ثم أشكر المعهد العلمي بـ الطائف على رسالته الجليلة وعلى رأسهم مدير المعهد فضيلة الشيخ محمد بن عائض القرني والأساتذة الفضلاء والطلاب النبلاء.
موضوع المحاضرة: وجاءت سكرت الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد.
ذاق الموت محمد صلى الله عليه وسلم فشربه كما يشربه الناس، ومات كما يموت الإنسان، وذهب كما يذهب الإنسان، وذاق الموت نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، ومات فرعون وهامان وقارون كلهم أقعدوا في الحفر، لكن إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار:
والموت فاذكره وما وراءه فمنه ما لأحد براءه
فإنه للفيصل الذي به ينكشف الحال به فلا يشتبه
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران
إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده
وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ
{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:94] هذه المحاضرة تدور على ست مسائل:
أولها: ذكر الموت في الكتاب والسنة وعند العارفين.
ثانيهاً: الأنبياء ومعايشتهم للموت عليهم السلام.
الثالثة: الصالحون في سكرات الموت.
الرابعة: النادمون في سكرات الموت.
الخامسة: وصف الموت.
ما هو الموت؟ ما لونه؟ ما طعمه؟ ما مساغه؟ كيف يذاق؟
السادسة: الاستعداد للموت.
ذكر الموت في الكتاب والسنة
أما الموت في الكتاب والسنة وفي أقوال العارفين فأخذ قطاعاً كبيراً من القرآن، يقول سبحانه وتعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:61-62] .
من المحاسب إلا الله؟ من المنصف إلا الله؟ من المجازي إلا الله؟ من الباقي إلا الله؟
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:88] {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} [الرحمن:26-27] .
يا من أعجبه شبابه! يا من أعجبه منصبه! يا من تاه بماله! والله لقد تولوا الأموال، وتقلدوا المناصب، وسكنوا الدور، وعمروا القصور، ثم قُعروا في القبور.
ولدتك أمك يابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسرورا
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ} وقت الموت {أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت:30-31] {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون:99-100] .
لا نفع لها لا طائل من ورائها لا قيمة لها، ضاع الشباب، ضاعت القوة، ضاعت الأوقات.
فيا عباد الله! هل من مستيقظ؟
يا أمة الإسلام! يا أبناء من حملوا لا إله إلا الله! يا أبناء من تسمع أذن البشرية لا إله إلا الله! يا أبناء من خطب على منبر الدهر بلا إله إلا الله! أنتم مطالبون بالاستفاقة من السبات:
تنبهوا يا رقود إلى متى ذا الجمود
فهذه الدار تبلى وما عليها يبيد
الخير فيها قليل والشر فيها عتيد
والبر ينقص فيها والسيئات تزيد
فاستكثروا الزاد فيها إن الطريق بعيد
يا شباب الإسلام! يا من ألهتهم المجلة الخليعة! والأغنية الماجنة! والسهرات الآثمة! والشواطئ المجرمة! والليالي الحمراء! أنتم مطالبون اليوم إلى إقبال وتوبة وصحوة واستفاقة، {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:115-116] .
يقول صاحب الرسالة الخالدة، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم، يقول الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، كنا قبل الرسالة رعاة إبل، رعاة شاة، ضائعين، ظالمين، أظفارنا طويلة، شعورنا منتنة، تاريخنا متخلف، ترابيون، نعيش في الطين، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أصبح اليوم يهاجم من الذين لا يحملون أصالة ولا رسالة:
إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسرت أغلالها
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها
يقول لـ ابن عمر: {كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل} .
تعرف الغريب الذي يصبح غريباً، ويمسي غريباً، الموت يطرده من كل جهة، وكان ابن عمر يقول وقد روي مرفوعاً: {إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك} .
يا أهل الأعمار النضرة! يا أهل الأجسام القوية! يا أهل الفلل البهية! يا أهل المآدب الشهية! أين أنتم من القبور؟
حفر مظلمة:
أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر
تفانوا جميعاً فما مخبر وماتوا جميعاً ومات الخبر
مر الخليفة الزاهد الشاب الناصح عمر بن عبد العزيز -سقى الله تلك العظام شآبيب الرحمة والرضوان- مر في عيد الفطر -وهو خليفة المسلمين- فرأى القبور فجلس يبكي، قالوا: ما لك؟ قال: لا إله إلا الله أتدرون ماذا يقول الموت؟
قالوا: لا.
قال: يقول: وأكلت العينين، وفصلت الكفين عن الساعدين، والساعدين عن العضدين، وفصلت القدمين عن الساقين، والساقين عن الفخذين، فبكى الأمراء والوزراء وجلسوا معه.
إنه استيقظ، وعرف طريقه، ولذلك في حديث عنه صلى الله عليه وسلم بسند لا بأس به: {الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني} وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {مالي وللدنيا؟! إنما مثلي ومثل الدنيا كرجل استظل بظل شجرة ثم قام وتركها} .
شاب رأسه، شابت لحيته، قال له أبو بكر في الحديث الصحيح: {يا رسول الله! أراك شبت، قال: شيبتني هود وأخواتها} .
السور الطويلة، الرسالة الخالدة، المعاني الجليلة، المستوى الضخم، العمق في الدعوة، العبادة وقيام الليل، الزهد في الدنيا، شيَّب رأسه وشيَّب لحيته.
قال ابن عباس رضي الله عنهما وأرضاهما في قوله سبحانه وتعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر:37] .
قال: النذير الشيب.
لكن من استيقظ بشيبه؟ من اتعظ يوم شابت لحيته أو رأسه؟
روى أهل السير أن عابداً من بني إسرائيل نظر إلى المرآة وكان قد أطاع الله أربعين سنة، ثم عصى الله أربعين سنة، فنظر وهو في الثمانين إلى المرآة، فرأى شيبه فبكى، فقال: يا ربِ! أطعتك أربعين وعصيتك أربعين، أتقبلني إذا عدت لك؟
فسمع قائلاً يقول: أطعتنا فقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإذا عدت إلينا قبلناك.
إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقهم عتقوهم عتق أبرار
وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقني من النار
والرسول عليه الصلاة والسلام دائماً يذكر الناس بالموت.
صح من حديث علي وحديث سهل وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: {والذي نفسي بيده! لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً} ماذا تعلم يا رسول الله؟ يعلم الصراط، رأى الجنة، رأى النار، رأى العرض، رأى المواقف العصيبة، علم من علم الغيب ما علمه الله، لكن الذي لا يعلم يضحك كثيراً ويبكي قليلاً، الذي لا يعلم بالحشر والنشر والصراط والصحف والجنة والنار يضيع أوقاته، يضيع صلاته، يضيع زمانه، لا يعرف الصلوات الخمس في المسجد، مساجدنا بهية واسعة، مشيدة، لكن تشكو إلى الله من قلة المصلين، قال محمد إقبال:
أرى التذكير أدركه خمولٌ ولم تبق العزائم في اشتعال
وأصبح وعظكم من غير نور ولا سحر يطل من المقال
وجلجلة الأذان بكل حيٍ ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساحٍ ومسجدكم من العباد خالي
ذكر الموت عند العارفين
أما العارفون فإنهم تذكروا الموت كثيراً، وعند الترمذي بسند حسن قوله صلى الله عليه وسلم: {أكثروا ذكر هاذم اللذات} من هو هاذم اللذات؟ إنه الموت، مفرق الجماعات، ميتم البنين والبنات، الذي يعكر اللذات، والذي يدلَهم على الأوقات، والذي يسحبك من البيوتات والمطعومات والمشروبات إلى العرض الأكبر عند رب الأرض والسماوات.
وكان العارفون يجعلون الموت نصب أعينهم دائماً، ذكر الإمام أحمد عن الخليفة الصديق رضي الله عن أبي بكر أنه دخل مزرعة لأحد الأنصار فرأى البساتين الوارفة، ورأى الأعذاق المتدلية، والنسيم الهفهاف، والماء البارد، فتذكر لقاء الله، ورأى طائراً يطير من شجرة، وهذا يوجه لأهل البساتين، ولأهل الحدائق الغنَّاء الذين نسوا بها الموت، فبكى، قال له الصحابة: ما لك يا خليفة رسول الله؟ قال: [[أبكي حين تذكرت هذا الطائر، طوبى له! يطير من شجرة إلى شجرة لا حساب عليه ولا عذاب، يا ليتني كنت طائراً]] .
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ويسأل ربنا عن كل شي
الحشر والنشر -الموقف الصعب- جعل السلف يستفيقون من سباتهم، قالوا لـ سفيان الثوري: ما لك لا تنام؟ قال: والله كلما أتيت إلى فراشي لأنام؛ تذكرت القبر فطار النوم من عيني.
أين هذه الحياة؟ وأين هذا الوقت؟ وأين هذا القلب من اللاهين الذين يعيشون حتى في مجتمعات المسلمين؟!
شاب يصاب بحادث انقلاب في سيارة، شاب لاهٍ لاغٍ مصحفه المجلة الخليعة، وتلاوته الأغنية الماجنة، وجلاسه وأحبابه كل بعيد عن الله، لا يعرف المسجد، ولا يعرف المصحف، ولا يعرف المحاضرات، ولا الندوات، أتته سكرات الموت في حادث انقلاب، فماذا قال في سكرات الموت؟
أخذ يترنم ويقول:
هل رأى الحب سكارى مثلنا
هي أغنية صنفها مغنٍِ ماجن ومغنية ماجنة يقول: هل رأى الحب سكارى مثلنا، حتى في هذه الساعة نسيت الله، لماذا؟
لأنه عاش على هذه الكلمة، وسوف يموت عليها، ويحشر عليها: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27] .
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه خرج إلى المقبرة -وهذه قصة جيدة الإسناد- ومعه ابن عوف، فرأى قبراً مفتوحاً فأخذ يده وأفلتها من يد ابن عوف، ودخل في القبر وبكى طويلاً وقال: يا ليت أمي لم تلدني، يا ليتني كنت شجرة تعضد، يا ليتني ما عرفت الحياة.
هذا وأنت إمام زاهد عابد صادق فكيف بنا أهل الذنوب والخطايا؟! كيف بنا أهل السيئات؟! ما قدمنا -والله- للإسلام شيئاً، لم نقدم دماءنا وأموالنا، لم نهاجر ولم نجاهد ولم نفعل شيئاً، الجيد منا من يحافظ على الصلوات الخمس مع قلة الخشوع والخضوع.
وكان ميمون بن مهران يستعد للموت، فحفر قبراً في بيته، فكان يدخل في القبر قبل أن ينام، فيقرأ ويبكي طويلاً ثم يخرج من القبر ويقول: يا ميمون! ها قد خرجت من القبر فاعمل صالحاً قبل أن تندم.
هذه هي المسألة التي ينبغي أن تكون في الحسبان.
ذكر الموت عند الصالحين
قيل لـ ابن سيرين: ما لك لا تفتي؟
قال: كلما أردت أن أفتي الناس تذكرت الموت، فمات كل عضو على جهته.
وذكر الذهبي في السير عن الإمام أحمد أنه قال عنه أحد تلاميذه: كان الإمام أحمد إذا ذكر الموت خنقته العبرة، ثم يقول: ما هي الحياة؟ هل هو إلا طعام دون طعام، ولباس دون لباس؟
يا عامراً لخراب الدار مجتهداً بالله هل لخراب الدار عمران
ويا حريصاً على الأموال تجمعها أقصر فإن سرور المال أحزان
من يتق الله يحمد في عواقبه ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
فاشدد يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان
الأنبياء ومعايشتهم للموت
أما الأنبياء ومعايشتهم الموت.
فاسمع إلى يوسف عليه السلام، نال الملك نال النبوة نال الرسالة، فماذا يفعل؟ توجه إلى الله داعياً، توجه إلى الحي القيوم، قال: {تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:101] .
أقصى ما يتمناه، وأعلى ما يترجاه أن يتوفاه الله مسلماً، يا رب! ألحقني بالصالحين.
يا رب! ذقت الحياة، لبست لباسها، وشربت شرابها، وأكلت طعامها، لا لذيذ، فما رأيت كالإسلام.
فتوفني مسلماً وألحقني بالصالحين.
نسب إلى معاوية أنه قال: [[لبست كل لباس إلا ما حرم الله، وأكلت الطعام بأصنافه، وشربت الشراب بأصنافه إلا ما حرم الله فما وجدت كتقوى الله]] .
وذكر ابن القيم في الفوائد عن سليمان عليه السلام أنه قال: علمنا مما علم الناس ومما لم يعلم الناس فلم نجد كتقوى الله.
أيها اللاهي بلا أدنى وجلْ
اتق الله الذي عز وجل
واستمع قولاً به ضرب المثل
اعتزل ذكر الأغاني والغزل
وقل الفصل وجانب من هزل
أتت سكرات الموت نوحاً عليه السلام فقالوا: كيف وجدت الحياة، وقد عشت ألف سنة؟ قال: والله ما الحياة إلا كبيت له بابان دخلت من هذا ثم خرجت من هذا.
سل من عاش مائة كم عاش؟ وسل من عاش القرن والقرنين والثلاثة أين لذاتهم؟ أين راحتهم؟ أين سعادتهم؟ أخذوا والله من نعيمهم وطرحوا فهم مرتهنون بأعمالهم.
وأبو الطيب المتنبي يقول:
أبني أبينا نحن أهل منازل أبداً غراب البين فيها ينعق
نبكي على الدنيا وما من معشر جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
أين الأكاسرة الجبابرة الألى كنزوا الكنوز فلا بقينَ ولا بقوا
من كل من ضاق الفضاء بجيشه حتى ثوى فحواه لحد ضيق
خرسٌ إذا نودوا كأن لم يعلموا أن الكلام لهم حلال مطلق
يقول إبراهيم عليه السلام في آخر حياته: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:82] .
عليك السلام، تجاهد وتقيم لا إله إلا الله، وتغرس لا إله إلا الله، وتعادي من عادى الله، وفي الأخير تتوجه إلى الله وتقول: والذي أطمع؛ طمع ورجاء وتلهف أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين.
أما رسولنا عليه الصلاة والسلام فذاق الموت وعاصر الموت -بأبي هو وأمي- وجالس الموت، أتته سكرات الموت فأخذ يقول: {لا إله إلا الله إن للموت لسكرات، لا إله إلا الله اللهم هون عليَّ سكرات الموت، لا إله إلا الله اللهم خفف عليَّ سكرات الموت، ثم أخذ خميصة -قطعة قماش- يبلها بالماء ويجعلها على وجهه ويقول: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد} .
وذهب إلى الله، إلى الرفيق الأعلى.
خير بين الدنيا وقصورها وذهبها وفضتها ومناصبها فقال: {بل الرفيق الأعلى.
فتقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها: خيرت والله فاخترت يا رسول الله} .
كفاك عن كل قصر شاهق عمد بيت من الطين أو كهف من العلم
تبني الفضائل أبراجاً مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم
جلس في بيت الطين، وعاش فيه، ما وجد ما يملأ بطنه، ليالي تمر وأياماً تكر، ولقي الله.
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
يا خير من دفنت في القاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم
فصلى الله عليه وسلم كلما ذكره الذاكرون، وكلما غفل عنه الغافلون، وكلما أحبه المحبون، وكلما أبغضه المبغضون.
حال الصالحين في سكرات الموت
أما حال الصالحين في سكرات الموت.
يَبِيْنُ صلاح العبد يوم يصرع، وساعة الموت ساعة يسلم فيها الجبار، ويذعن فيها المتكبر، ويفتقر فيها الغني، ساعة الموت تتحدى، ساعة الموت معلم لا بد أن يمر به الإنسان، تسلب الإرادة، وتضعف العزيمة، وتقطع الحبال، وتنتهي الحيل.
واترك الحيلة فيها واتكل إنما الحيلة في ترك الحيل
ساعة الموت أليمة جد أليمة، ولذلك يَبِيْنُ صلاح الصالحين وفساد المفسدين فيها.
أبو بكر حال الموت
حضرت سكرات الموت أبا بكر الصديق فقالت ابنته عائشة رضي الله عنها وعنه: يا أبتاه! صدق الأول -وهو حاتم - يوم يقول:
لعمرك ما يغني الثواء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
فالتفت إليها مغضباً وقال: يا بنية! لا تقولي ذلك، ولكن قولي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق:19-21] .
ثم قال: إذا مت فخذوا بغلتي هذه -خليفة ما ترك إلا بغلة وثوبين- وهذين الثوبين واذهبوا إلى عمر بن الخطاب وقولوا له: يا عمر! اتق الله لا يصرعك الله مصرعاً كمصرعي، يا عمر! إن الحق ثقيل مرير، وإن الباطل خفيف وبير، وإنما ثقلت موازين أقوام لأنهم حملوا الحق، وإنما خفت موازين أقوام لأنهم حملوا الباطل.
فذهبوا بالبغلة وبالثوبين من خليفة ملك ربع الدنيا، فوصلوا إلى عمر فأعطوه، فجلس يبكي ويقول: يا أبا بكر! أتعبت الخلفاء بعدك.
يعني: كيف نستطيع هذا المنهج؟ متى نبلغ هذا المستوى؟
عمر بن الخطاب حال الموت
وأتت سكرات الموت عمر رضي الله عنه وأرضاه.
مولى المغيرة لا جادتك غادية من رحمة الله ما جادت غواديها
يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً من خوفه وملوك الروم تخشاه
وقف عند الجمرات في آخر حجة حجها ودعا الله بقلب صادق، وقال: [[اللهم ضاعت رعيتي، ورق عظمي، وشاب رأسي، ودنا أجلي، اللهم فاقبضني إليك غير مفرط ولا مفتون، اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك وموتة في بلد رسولك]] .
شرطان: في سبيل الله، وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال له الصحابة: كيف تسأل الشهادة في المدينة؟ ومن يسأل الشهادة يخرج إلى الثغور والقتال والأعداء.
قال: هكذا سألت وأسأل الله أن يلبي لي ما سألت.
وعلم الله أنه صادق مخلص: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} [محمد:21] عاد إلى المدينة، وامتدت له يد أبي لؤلؤة الآثمة لا جاد الله قبره، في صلاة الفجر في أحسن بقعة وفي أحسن صلاة فطعنه ثلاث طعنات وهوى صريعاً.
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها بفضل ربك حصناً من أعاديها
حمل على أكتاف الرجال وهو مطعون فما تذكر ولداً ولا زوجة ولا منصباً ولا وظيفة ولا داراً ولا مالاً، أخذت عيناه تهراق بالدموع وهو يقول: يا ليت أمي لم تلدني، يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني ما توليت الخلافة.
تقول هذا وأنت الزاهد المجاهد الصادق، فكيف بنا نحن؟! كيف نلقى الله؟!
دخل عليه علي أبو الحسن رضي الله عنه وأرضاه، فأثنى عليه، قال: يا علي! والله الذي لا إله إلا هو وددت أني نجوت كفافاً لا لي ولا عليَّ.
وأخذ يقول لابنه عبد الله: انزع المخدة من تحت رأسي وضع رأسي على التراب علَّ الله أن يرحمني.
رحمك الله وأسكنك الله الرضوان ورفع منزلتك يوم يتقبل الله من الصادقين: أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ويَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ.
هنيئاً لك، السعادة إن شاء الله وشهادة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وذكر أهل السير باستفاضة أن عثمان إذا ذكر القبر بكى حتى يجلس، قالوا: تُذكر الآخرة فلا نرى هذا البكاء، فإذا رأيت القبر بكيت؟
فقال سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {القبر أول منازل الآخرة، فإذا نجا العبد منه أفلح، وإذا خسر فيه خسر فيما بعد} .
أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
القبر منزل -والله- موحش، لا صديق، لا حبيب، لا زوجة، لا ولد، إلا العمل الصالح، تركوا ما تركوا، واستجوبوا فما نطقوا، وودعوا فإما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
علي بن أبي طالب حال الموت
وأما علي رضي الله عنه وأرضاه فهو صاحب الكلمات الصادقة التي تصل إلى القلوب مباشرة، كلماته واصلة بكل خير حاصلة، يقول البخاري في الصحيح في كتاب الرقاق، وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد:36] .
وقال علي بن أبي طالب: [[ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل]] .
قال معاوية لـ ضرار بن الحارث: صف لي علياً، قال: رأيته في ظلام الليل -يعني علياً - يمسك لحيته بيديه، ويبكي بكاء الطفل الفطيم، ويتململ تململ السليم الملدوغ ويقول: [[يا دنيا يا دنية! طلقتك ثلاثاً لا رجعة بعدها، زادك حقير، وعمرك قصير، وسفرك طويل، آه من قلة الزاد وبعد السفر ولقاء الموت]] .
هل تذكر المتخلفون هذه الكلمات الصادقات؟!
هل تذكر الذين ينصبون العداء للإسلام والمسلمين وهم يشربون معنا ويمشون على أرضنا ويستنشقون هواءنا؟!
هل سمعوا هذه القذائف؟ هل وصلت قلوبهم؟ هل طرقت أسماعهم أم هم في غفلة يعمهون؟
يقول علي شعراً لمن لم يفهم النثر:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الموت نبنيها
فاعمل لدار غداً رضوان خازنها الجار أحمد والرحمن بانيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
ابن عباس وعمر بن عبد العزيز حال الموت
حضرت الوفاة عمر بن عبد العزيز فاستبشر كثيراً، وقال لزوجته فاطمة: اخرجي يا فاطمة! فإني أرى نفراً ليسوا بأنس ولا جن.
إذاً ملائكة: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:30] .
قال ابن كثير: لما حضرت ابن عباس الوفاة.
ابن عباس جدكم في ثرى هذا التراب يرقد هنا.
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هنداً عشية تمشت وجرت في جوانبه بردا
يقولون: لما حضرت جنازته صلوا عليها وهو في الأكفان -والعهدة على ابن كثير - فلما انتهوا رأوا طائراً أبيض دخل في أكفانه وسمعوا هاتفاً يقول: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر:27-29] .
ابن المبارك حال الموت
وابن المبارك الزاهد العابد حضرته سكرات الموت فتبسم كثيراً، يا لها من بسمة ما أحسنها! من يتبسم في سكرات الموت؟ إنهم أهل الصلوات الخمس، وأهل القرآن والذكر، أهل طاعة الديان، أهل الخوف من الرحمن، الذين إذا تستروا في الجدران واختفوا بالحيطان تذكروا الواحد الديان.
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
فهؤلاء هم الذين يتبسمون في سكرات الموت، أما الضائعون اللاهون السامجون المتفلتون فكيف يتذكرون؟! وكيف يصحون؟! وكيف يتبسمون؟! إنها حسرة في غمرات الموت.
النادمون في سكرات الموت
وأما النادمون في سكرات الموت فإنهم كثير منهم صالحون ومنهم غير ذلك.
ندم معاوية حال الموت
حضرت الوفاة معاوية بن أبي سفيان الخليفة الملك فقال: أنزلوني من على سريري، فأنزلوه، فمرغ وجهه في التراب وبكى وقال: صدق الله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] .
تجرد من الدنيا فإنك إنما أتيت إلى الدنيا وأنت مجرد
أتيت إلى الدنيا باكياً صارخاً أعمى أصم جائعاً ضامئاً، فلما وصلت إلى الدنيا تملكت وسرت وأخذت وأكلت وشربت، ثم تحاسب عند الواحد الديان، هذا معاوية يقول ذلك.
ندم عمرو بن العاص حال الموت
وعند مسلم في الصحيح عن ابن شماسة المهري قال: {حضرنا عمرو بن العاص في الوفاة فبكى بكاءً طويلاً وحول وجهه إلى الحائط، قالوا: ما لك تبكي؟ -تذكر الذكريات.
وكثير من الناس لا يتذكر ذكرياته إلا في سكرات الموت، الأيام والليالي والأشهر والسنوات والإجازات والرحلات والأصحاب والأصدقاء، كل ما مر به يتذكره في ذاك المطرح- فبكى، فأخذ ابنه يحسن ظنه بالله، فلما زاد الكلام التفت وقال: يا أيها الناس! إني عشت حياتي على أطباق ثلاث: كنت في الجاهلية لا أعرف الإسلام، فلو مت على تلك الحال لكنت من جثي جهنم، ثم أسلمت وبايعت الرسول عليه الصلاة والسلام، فلما بسط يده ضممت يدي قال: ما لك يا عمرو؟ قلت: أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يغفر لي ربي ذنبي، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: أما تدري -يا عمرو - أن التوبة تهدم ما قبلها وأن الإسلام يجب ما قبله؟ فأسلمت، فوالله ما ملأت عيني منه صلى الله عليه وسلم، والله لو سألتموني الآن أن أصفه لم أستطع أن أصفه، لأني ما ملأت عيني منه حياءً منه، فلو أني مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم لعبت بي الدنيا ظهراً لبطن، فما أدري هل يؤمر بي إلى الجنة أو إلى النار؟ لكن عندي كلمة أحاج لنفسي بها عند الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم} .
وعند غير مسلم: فضم يده على لا إله إلا الله.
ولما أدخل وغسل؛ كانوا يفتحونها فتضم.
وهذا لأن معه لا إله إلا الله، ورصيده لا إله إلا الله والصلوات الخمس، وقراءة القرآن، والصدق مع الله، وبر الوالدين، وصلة الرحم، أما أن نقول: لا إله إلا الله ونكذب على الله، فما فائدة لا إله إلا الله؟ لا إله إلا الله ولا صلاة في المساجد! لا إله إلا الله والنساء يتبرجن! لا إله إلا الله والغناء يعج في البيوت! لا إله إلا الله والربا يؤكل ويشرب ويلبس ويستخدم ويبنى منه! لا إله إلا الله والخروج على شرع الله موجود! لا إله إلا الله والمجلة الخليعة تسيطر على وقت المصحف وزمن المصحف وساعات المصحف! لا إله إلا الله وجلساء السوء يحفون بالصالحين ليصرفوهم عن الهداية! أين معنى لا إله إلا الله؟ لا إله إلا الله والوالدان يلعنان في بعض النواحي ويضربان! والرحم يقطع! نخرج إلى الاستسقاء فنرفع أيادينا لكن حجبنا ما بيننا وأغلقنا أبواب السماء بالذنوب والخطايا، عطاء الله ممنوح وبابه مفتوح وخيره يغدو ويروح؛ ولكن ذنوبنا والله وقفت بالطريق، كلما أراد الغيث أن ينزل قالت الذنوب: لا تنزل يا غيث.
وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل
ندم عبد الملك بن مروان حال الموت
وأما عبد الملك بن مروان فذكر الذهبي في السير عنه أنه لما حضرته الوفاة سمع غسالاً في وادٍ بجانب قصره، وكان عبد الملك خليفة في دمشق، والدولة الإسلامية تحت خلافته، وفي القصر كل ما لذ وطاب، فسمع غسالاً وهو في سكرات الموت، ولا يدري الغسال أن الخليفة في سكرات الموت، وما اشتغل الغسال بهم عبد الملك.
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
فأخذ الغسال يترنم فرحاً، فهو لم يسفك دماً وما تحمل ديوناً ولا عنده مظالم ولا خصومات، فأخذ يترنم بالنشيد، فأخذ عبد الملك في سكرات الموت يلصق وجهه بالتراب ويبكي ويقول: يا ليتني كنت غسالاً، يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني ما توليت الخلافة.
ونقلت هذه الكلمة إلى سيد التابعين سعيد بن المسيب قال: الحمد لله الذي جعلهم في الموت يفرون إلينا ولا نفر إليهم.
لماذا؟ لأنهم سكروا بلذة الدنيا فما استفاقوا إلا عند سكرات الموت. ندم عنبسة بن أبي سفيان حال الموت
وعند أحمد في المسند بسند صحيح أن عنبسة بن أبي سفيان أخا معاوية، حضره الموت فبكى وكان أميراً، قالوا: مالك تبكي؟ قال: ما ندمت في الحياة إلا على مسألة، قالوا: ما هي؟ قال: سمعت أختي أم حبيبة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من حافظ على أربع ركعات قبل صلاة الظهر وأربع ركعات بعد صلاة الظهر حرمه الله على النار} .
فليتني حافظت عليها.
أمير سمع هذا الحديث ويح
| |
|
| |
OKAKA
المؤسس
مساهماتى : 3759 نقــاطـ التميز : : 14891 انا مسجل من : 08/02/2011 عمرى : 29
خدمات المنتدى مشاركة الموضوع: okaka
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 الأحد مارس 27, 2011 7:47 am | |
| | |
|
| |
{Ms 13} إشراف عام الإبداع
مساهماتى : 66 نقــاطـ التميز : : 5078 انا مسجل من : 27/03/2011
خدمات المنتدى مشاركة الموضوع:
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 الأحد مارس 27, 2011 7:54 am | |
| | |
|
| |
JoSef - RoCk عضو نشيط
مساهماتى : 145 نقــاطـ التميز : : 5337 انا مسجل من : 27/03/2011
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 الأحد مارس 27, 2011 9:14 am | |
| | |
|
| |
{Ms 13} إشراف عام الإبداع
مساهماتى : 66 نقــاطـ التميز : : 5078 انا مسجل من : 27/03/2011
خدمات المنتدى مشاركة الموضوع:
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 الأحد مارس 27, 2011 9:21 am | |
| | |
|
| |
{Ms 13} إشراف عام الإبداع
مساهماتى : 66 نقــاطـ التميز : : 5078 انا مسجل من : 27/03/2011
خدمات المنتدى مشاركة الموضوع:
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 الأحد مارس 27, 2011 9:21 am | |
| | |
|
| |
JoSef - RoCk عضو نشيط
مساهماتى : 145 نقــاطـ التميز : : 5337 انا مسجل من : 27/03/2011
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 الأحد مارس 27, 2011 9:37 am | |
| | |
|
| |
퇇 ღ.¸¸.queenlove.¸¸.ღ المديرة العامة
مساهماتى : 2579 نقــاطـ التميز : : 13793 انا مسجل من : 25/03/2011
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 السبت أبريل 23, 2011 9:53 pm | |
| | |
|
| |
МẬ7МỗỮĐ شخصية هامة
مساهماتى : 1761 نقــاطـ التميز : : 10170 انا مسجل من : 31/03/2011
خدمات المنتدى مشاركة الموضوع: name="fb_share" type="button_count" href="https://www.facebook.com/sharer.php">مشاركة src="http://static.ak.fbcdn.net/connect.php/js/FB.Share" type="text/javascript">
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 السبت مايو 21, 2011 6:07 pm | |
| | |
|
| |
MAHMOUD DON عضو مميز
مساهماتى : 686 نقــاطـ التميز : : 7003 انا مسجل من : 19/05/2011
| موضوع: رد: سكرات الموت2011 الأحد مايو 22, 2011 1:27 am | |
| | |
|
| |
| سكرات الموت2011 | |
|