إمرأة بـ100 رجل .. ؟؟

مرأة بـ100 رجل .. ؟؟



مات.. بمنتهى البساطة ومن دون سابق إنذار.
ظنّ نفسه خالداً.. قام بدوره ودورها معاً.. وظلّت هي بمثابة برواز للحياة. مجرد أم الأولاد وزوجة. أحياناً هي ضمن أهل البيت وليست ربّة البيت.
قام هو بتربية الأولاد، كان يشتري ملابسهم وملابسها، حتى شراء الخضار كان يقوم به عنها.
ظنّتهُ العِزّ بعينه.. رفاهية وجُود رجل يقوم بكل الأدوار. ارتاحت، أو هكذا صوّرت لنفسها، عجزها حتى عن حقها في تربية بناتها. إنّه الكمال الذي تنشده أي إمرأة.. ظنّتهُ هي الأخرى خالداً.. فلم تُقاوم.. هو جامعي.. أما هي، فبالكاد "بتفك الخط". وقد كان ذلك أقوى مُبرِّر تسوقُه لنفسها لتَقْنَع بنَتْف ريشها ولتصدّ أي ثورة، هذا إن وُجدت أصلاً، على ما هي فيه من خنُوع تام وإستسلام إختياري.
مات.. ووجدت نفسها وحيدة. صرخت، تخبّطت، خافت أن تَخرُج من بيتها، استدعت أقاربها وجيرانها.. لأوّل مرّة يكون عليها أن تتخذ قراراً.
أن سيُدفَن؟
لم تعرف.. أصابها الخَرَس وانْسَاقت إلى رأي إخوتها.
- لابد أن يُدفن إلى جوار والديه.
قاموا عنها بكل ما يلزم لتجهيزه.
دموعها لم تكن مُجرّد دموع فراق. بل كانت دموع إمرأة خانها زوجها، وتركها خلف مِقْوَد في طريق وعر. طريق فردَى لا رجعة فيه ولا مجال فيه للدَّوران أو حتى للتوقف. هي لا تعرف القيادة. لم تختبر أبداً ولو على سبيل المزاح، الجلوس في مقعد القائد. شَلَل تام أصاب حياتها وأصابها هي أيضاً. تحوّلت إلى دمية تشدّ أطرافها خيوط. يتلاعب بها مَن يريد وكَما يحلو له. أهل الزوج أو أهلها وحتى جيرانها إن أرادوا. كانت مُتاحة لأن يلعب بعقلها مَن يريد.
فمن أراد أن يُجرِّب كيف يكون شَق الجلبات والنّواح على الفقيد، قال لها: "يجب أن تصرخي". فتصرخ. ومَن أراد أن يجرِّب كيف يكون الصمت المميت، أمرها بأن تَصمت. فكانت تصمُت.
انقضت أيام العزاء.. عادت إلى بيتها مُحمَّلة بالوصايا عن كيفية الحزن.. طريقته.. صُوَره.. كأنّه "كتالوغ" يجب ألا تخرق تعليماته. عقل ضائع في حلقة مُفرغة، فلا هي تعرف في ما تفكر، ولا حتى كيف تفكر. كان يقوم عنها حتى بعبء التفكير.. حزنت على حالها، وتحوّلت دموع الفراق إلى دموع خزي من نفسها.
راحت كل ليلة تَلعَن اليوم الذي استسلمت فيه كل هذا الإستسلام الذي أضاعها.. والذي قد يقضي على أولادها.
أوراق كثيرة تملأ حقيبة جلدية سوداء بسواد حياتها وحدادها وملابسها، حتى الداخلية منها. حسب تعليمات الـكتالوغ"، هذا هو منتهى الحزن ومنتهى الوفاء، ومنتهى الإحترام أيضاً.
أفاقت من أيام الحداد، وسوَّت أمور المعاش.. انزاح بعض غمّها، وجدت أن حياتها كلها تحتاج إلى ترتيب.
الآن أصبح أمرها في يدها. ليس أمرها وحدها، بل أمر بناتها كذلك. راحت تتصوّر فشلها وشماتة الناس فيها، ووصمهم لها بالضَّعف والخَيبة.
نَفَضت بيتها كله.. نفضته من كل ما يَمُت إليه بصِلة، وكأنّها تنتقم منه على تضليله لها، حين سحب منها حقها في الحياة بنعومة، فعاش حياتين.. حياته وحياتها.. نفضته من ذكريات خنوعها وتسلّطه، ضعفها وقدرته إستسلامها وجَبَرُوته.. إختفائها وحضوره.
أودعت مَلابسه وأحذيته، حتى أقلامه، في المسجد المجاور. إنّه التّشَفِّي في صورة إحسان.. مزقت ملابسه القديمة، ولو استطاعت لكلّمَت تلك الخِرَق وعارَكتها وصبّت عليها جام غضبها. انتقمت منه، جعلت منها ممسحات للأرض.. كتبه المكدَّسة فوق الأرفف، ألقتها بدفعة قوية على الأرض.
صبغت جدران البيت.. اشترت ملابس جديدة سوداء حقاً وإنما جديدة، فالمرحوم لمن يكن يهتم إلا بذاته فقط.
لا تذكر أنّه اشترى لها شيئاً أبداً إلا وهو عائد من الحج، وشَكَت أنّه ما اشتراها إلا حياء.. فكيف يشتري للأغراب ولا يشتري لها؟
كان يجلب لها قطعاً من القماش، لا ذوق فيها بل منتهى الإستهتار، وهي كانت تعرف أنّه اشتراها على عَجَل، من دون أن يُدقِّق حتى في ألوانها. لم يهتم أبداً بما يُعجبها أو لا يُعجبها.
ألهذه الدرجة لم أكن أعني له شيئاً؟
قطعها شعورها بأنها أبداً لم تكن موجودة. تغيّر وجه الحياة والبيت.. حتى هي تغيّرت. كل يوم يمضي من حياتها معركة في حدّ ذاته. معركة مع نفسها وماضيها وبناتها وتَرمُّلها. معركة شرسة. ولابدّ أن تكون هي المنتصرة فيها، مهما كلّف الأمر. باعت كل الأملاك، أودَعت ثمنها في "البنك". لم يكن هناك من رقيب عليها، إلا الله والمجلس الحسبي. لم تَخن أبداً الأمانة. لم يصبها ما يصيب الأرامل من سعار الحرِّية، حين يمسكن بزمام أمورهنّ. كانت دائماً رزينة وحكيمة. لم تدر فكرة الزواج في خلدها.. لم تَطمَع في رجل آخر، وهل يطلب العصفور سجناً بعدما جَرَّب الحرِّية؟

جميل

شكرا على هذا الموضوع موضوع جامد

يسلموو من جدك روووووعة

يسلمووووووووووو

تسلم

مشكووور
فعلا بـ100راجل ههه

مشكور تسلم على الموضوع

مشكووووور

شكرا لكي يعطيكي العافيه في انتظار جديدك.,

شكرآآآآ