السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم أهدى المسلمين جميعا إلى صراطك المستقيم
.
قال الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}
صدق الله العظيم
>من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل<
أي من جراء ذلك القاتل وجريرته , وقال الزجاج : أي من جنايته ; يقال : أجل الرجل على أهله شرا يأجل أجلا إذا جنى ; مثل أخذ يأخذ أخذا . قال الخنوت : وأهل خباء صالح كنت بينهم قد احتربوا في عاجل أنا آجلهأي جانيه , وقيل : أنا جاره عليهم , وقال عدي بن زيد : أجل إن الله قد فضلكم فوق من أحكأ صلبا بإزاروأصله الجر ; ومنه الأجل لأنه وقت يجر إليه العقد الأول , ومنه الآجل نقيض العاجل , وهو بمعنى يجر إليه أمر متقدم , ومنه أجل بمعنى نعم . لأنه انقياد إلى ما جر إليه , ومنه الإجل للقطيع من بقر الوحش ; لأن بعضه ينجر إلى بعض ; قاله الرماني , وقرأ يزيد بن القعقاع أبو جعفر : " من اجل ذلك " بكسر النون وحذف الهمزة وهي لغة , والأصل " من إجل ذلك " فألقيت كسرة الهمزة على النون وحذفت الهمزة . ثم قيل : يجوز أن يكون قوله : " من أجل ذلك " متعلقا بقوله : " من النادمين " [ المائدة : 31 ] , فالوقف على قوله : " من أجل ذلك " , ويجوز أن يكون متعلقا بما بعده وهو " كتبنا " . فـ " ـمن أجل " ابتداء كلام والتمام " من النادمين " ; وعلى هذا أكثر الناس ; أي من سبب هذه النازلة كتبنا , وخص بني إسرائيل بالذكر - وقد تقدمتهم أمم قبلهم كان قتل النفس فيهم محظورا - لأنهم أول أمة نزل الوعيد عليهم في قتل الأنفس مكتوبا , وكان قبل ذلك قولا مطلقا ; فغلظ الأمر على بني إسرائيل بالكتاب بحسب طغيانهم وسفكهم الدماء .
>أنه من قتل نفسا بغير نفس<
ومعنى " بغير نفس " أي بغير أن يقتل نفسا فيستحق القتل , وقد حرم الله القتل في جميع الشرائع إلا بثلاث خصال : كفر بعد إيمان , أو زنى بعد إحصان , أو قتل نفس ظلما وتعديا .
>أو فساد في الأرض<
أي شرك , وقيل : قطع طريق , وقرأ الحسن : " أو فسادا " بالنصب على تقدير حذف فعل يدل عليه أول الكلام تقديره ; أو أحدث فسادا ; والدليل عليه قوله : " من قتل نفسا بغير نفس " لأنه من أعظم الفساد . وقرأ العامة : " فساد " بالجر على معنى أو بغير فساد .
>فكأنما قتل الناس جميعا<
اضطرب لفظ المفسرين في ترتيب هذا التشبيه لأجل أن عقاب من قتل الناس جميعا أكثر من عقاب من قتل واحدا ; فروي عن ابن عباس أنه قال : المعنى من قتل نبيا أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياه بأن شد عضده ونصره فكأنما أحيا الناس جميعا , وعنه أيضا أنه قال : المعنى من قتل نفسا واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا , ومن ترك قتل نفس واحدة وصان حرمتها واستحياها خوفا من الله فهو كمن أحيا الناس جميعا , وعنه أيضا . المعنى فكأنما قتل الناس جميعا عند المقتول , ومن أحياها واستنقذها من هلكة فكأنما أحيا الناس جميعا عند المستنقذ , وقال مجاهد : المعنى أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمدا جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ; يقول : لو قتل الناس جميعا لم يزد على ذلك , ومن لم يقتل فقد حيي الناس منه , وقال ابن زيد : المعنى أن من قتل نفسا فيلزمه من القود والقصاص ما يلزم من قتل الناس جميعا , قال : ومن أحياها أي من عفا عمن وجب له قتله ; وقاله الحسن أيضا ; أي هو العفو بعد المقدرة , وقيل : المعنى أن من قتل نفسا فالمؤمنون كلهم خصماؤه ; لأنه قد وتر الجميع , ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا , أي يجب على الكل شكره , وقيل : جعل إثم قاتل الواحد إثم قاتل الجميع ; وله أن يحكم بما يريد , وقيل : كان هذا مختصا ببني إسرائيل تغليظا عليهم . قال ابن عطية : وعلى الجملة فالتشبيه على ما قيل 0 واقع كله , والمنتهك في واحد ملحوظ بعين منتهك الجميع ; ومثاله رجلان حلفا على شجرتين ألا يطعما من ثمرهما شيئا , فطعم أحدهما واحدة من ثمر شجرته , وطعم الآخر ثمر شجرته كلها , فقد استويا في الحنث , وقيل : المعنى أن من استحل واحدا فقد استحل الجميع ; لأنه أنكر الشرع , وفي قوله
>ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون<
تجوز ; فإنه عبارة عن الترك والإنقاذ من هلكة , وإلا فالإحياء حقيقة - الذي هو الاختراع - إنما هو لله تعالى , وإنما هذا الإحياء بمنزلة قول نمرود اللعين : " أنا أحيي وأميت " [ البقرة : 258 ] فسمى الترك إحياء . ثم أخبر الله عن بني إسرائيل أنهم جاءتهم الرسل بالبينات , وأن أكثرهم مجاوزون الحد , وتاركون أمر الله
.
لقد صان الإسلام بتعاليمه الأعراض والكرامات ،بل وصل برعاية الحرمات للناس إلى حد التقديس..
ففي حجة الوداع خطب النبي_صلى الله عليه وسلم_في جموع المسلمين فقال: ((إن أموالكم وأعراضكم ودماءكم
حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا))..أخرجه الترمذي ،ت:436
وقد نظر عبد الله بن عمر يوماً إلى الكعبة فقال: "ما أعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة منك!!"..أخرجه الترمذي، ت:435
حـــــــــــــــــرمــــــــة الــــــــــــــــــدمــــــــــــــــــــــاء..
قدس الإسلام الحياة البشرية، وصان حرمة النفوس،وجعل الإعتداء عليها أكبر الجرائم عند الله بعد الكفر به
تعالى.وقرر ذلك القرآن: ((أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً)) المائدة32
ذلك أن النوع الإنساني أسرة واحدة،والعدوان على نفس من أنفسه هو في الحقيقة عدوان على النوع وتجرؤ عليه.
وتشتد الحرمة إذا كان المقتول مؤمناً بالله: ((ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه
ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)) النساء 93
ويقول الرسول_صلى الله عليه وسلم_ : ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)).. مسلم والنسائي والترمذي،ت:439
ويقول: ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً،أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً)) أبو داود وابن حبان والحاكم،ت:441.
ولهذه الآيات والأحاديث رأى ابن عباس رضي الله عنهما أن توبة القاتل لا تقبل،وكأنه رأى أن من شرط التوبة
ألا يقبل إلا برد الحقوق إلى أهلها أو استرضائهم،فكيف السبيل إلى رد حق المقتول إليه أو استرضائه!..
وقال غيره: إن التوبة النصوح مقبولة ،وإنها تمحو الشرك فكيف ما دونه..
وقال تعالى: ((والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون ومن يفعل
ذلك يلقَ أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله
سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً)) الفرقان 68_70
حرمة دم المعاهد والذمي..
وإنما عنيت النصوص بالتحذير من قتل المسلم وقتاله، لأنها جاءت تشريعاً وإرشاداً للمسلمين في مجتمع
إسلامي،وليس معنى هذا أن غير المسلم دمه حلال، فإن النفس البشرية معصومة الدم حرمها الله وصانها بحكم
بشريتها،ما لم يكن غير المسلم محارباً للمسلمين،فعند ذلك قد أحل هو دمه..
أما إذا كان معاهداً أو ذمياً فإن دمه مصون لا يحل لمسلم الإعتداء عليه.وفي ذلك يقول نبي الإسلام: ((من قتل
معاهداً لم يرح رائحة الجنة_أي لم يشمها_وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً))البخاري وغيره ت:449
وفي رواية: ((من قتل مسلماً من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة)) النسائي، ت:450
متى تسقط حرمة الدم..
قال تعالى : ((ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق))الأنعام 151 ،،
وهذا الحق الذي ذكره القرآن أن يكون جزاء على جريمة من ثلاث:
1-القتل ظلماَ
2-المجاهرة بارتكاب فاحشة الزنى..
3-الخروج على دين الإسلام بعد الدخول فيه والمجاهرة بهذا الخروج تحدياً للجماعة الإسلامية..
والله أعلم والله بكل شيئا عليم
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم ربي تسليماً كثيراً..
اللهم أحفظ هذا البلد آمناً مطمئناً وسااااائر بلاااااد المسلميييين يااارب العالمييين...
اللهم سلم سلم..اللهم آمييين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته